{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون} في العلانيَة: إنَّك كذَّابٌ ومُفترٍ {فإنهم لا يكذبونك} في السرِّ قد علموا صدقك {ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} بالقرآن بعد المعرفة. نزلت في المعاندين الذين تركوا الانقياد للحقِّ، كما قال عزَّ وجلَّ: {وجحدوا بها واستيقنّتْها أنفسهم...} الآية.{ولقد كذِّبت رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كُذِّبوا} رجاء ثوابي {وأوذوا} حتى نشروا بالمناشير، وحرِّقوا بالنَّار {حتى أتاهم نصرنا} معونتنا إيَّاهم بإهلاكِ مَنْ كذَّبهم {ولا مبدل لكلمات الله} لا ناقِضَ لحكمه، وقد حكم بنصر الأنبياء في قوله: {كتب الله لأغلبنَّ أنا ورسلي} {ولقد جاءك من نبأ المرسلين} أَيْ: خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ودَمَّرنا قومهم.{وإن كان كبر} عَظُمَ وثَقُل {عليك إعراضهم} عن الإيمان بك وبالقرآن، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحرص على إيمان قومه، فكانوا إذا سألوه آيةً أحبًّ أن يريهم ذلك طمعاً في إيمانهم، فقال الله عزَّ وجلَّ: {فإن استطعت أن تبتغي} تطلب {نفقاً} سرباً {في الأرض أو سلماً} مصعداً {في السماء فتأتيهم بآية} فافعل ذلك، والمعنى: أنَّك بشرٌ لا تقدر على الإِتيان بالآيات، فلا سبيل لك إلاَّ الصَّبر حتى يحكم الله {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} أَيْ: إنَّما تركوا الإِيمان لسابق قضائي فيهم، لو شئت لاجتمعوا على الإِيمان {فلا تكوننَّ من الجاهلين} بأنّه يؤمن بك بعضهم دون بعض، وأنَّهم لا يجتمعون على الهدى، وغلَّظ الجواب زجراً لهم عن هذه الحال.