سورة الأنعام - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون} في العلانيَة: إنَّك كذَّابٌ ومُفترٍ {فإنهم لا يكذبونك} في السرِّ قد علموا صدقك {ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون} بالقرآن بعد المعرفة. نزلت في المعاندين الذين تركوا الانقياد للحقِّ، كما قال عزَّ وجلَّ: {وجحدوا بها واستيقنّتْها أنفسهم...} الآية.
{ولقد كذِّبت رسلٌ من قبلك فصبروا على ما كُذِّبوا} رجاء ثوابي {وأوذوا} حتى نشروا بالمناشير، وحرِّقوا بالنَّار {حتى أتاهم نصرنا} معونتنا إيَّاهم بإهلاكِ مَنْ كذَّبهم {ولا مبدل لكلمات الله} لا ناقِضَ لحكمه، وقد حكم بنصر الأنبياء في قوله: {كتب الله لأغلبنَّ أنا ورسلي} {ولقد جاءك من نبأ المرسلين} أَيْ: خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم ودَمَّرنا قومهم.
{وإن كان كبر} عَظُمَ وثَقُل {عليك إعراضهم} عن الإيمان بك وبالقرآن، وذلك أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يحرص على إيمان قومه، فكانوا إذا سألوه آيةً أحبًّ أن يريهم ذلك طمعاً في إيمانهم، فقال الله عزَّ وجلَّ: {فإن استطعت أن تبتغي} تطلب {نفقاً} سرباً {في الأرض أو سلماً} مصعداً {في السماء فتأتيهم بآية} فافعل ذلك، والمعنى: أنَّك بشرٌ لا تقدر على الإِتيان بالآيات، فلا سبيل لك إلاَّ الصَّبر حتى يحكم الله {ولو شاء الله لجمعهم على الهدى} أَيْ: إنَّما تركوا الإِيمان لسابق قضائي فيهم، لو شئت لاجتمعوا على الإِيمان {فلا تكوننَّ من الجاهلين} بأنّه يؤمن بك بعضهم دون بعض، وأنَّهم لا يجتمعون على الهدى، وغلَّظ الجواب زجراً لهم عن هذه الحال.


{إنما يستجيب} أَيْ: يُجيبك إلى الإيمان {الذين يسمعون} وهم المؤمنون الذين يستمعون الذِّكر، فيقبلونه وينتفعون به، والكافر الذي ختم الله على سمعه كيف يصغى إلى الحقِّ!؟ {والموتى} يعني: كفَّار مكة {يبعثهم الله ثمَّ إليه يرجعون} يردُّون فيجازيهم بأعمالهم.
{وقالوا} يعني: رؤساء قريش {لولا} هلاَّ {نُزِّلَ عليه آية من ربه} يعنون: نزول ملك يشهد له بالنُّبوَّة {قل إنَّ الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون} ما عليهم في ذلك من البلاء، وهو ما ذكرناه في قوله: {ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر} {وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه} يعني: جميع الحيوانات؛ لأنَّها لا تخلو من هاتين الحالتين {إلاَّ أمم أمثالكم} أصناف مصنَّفة تُعرف بأسمائها، فكلُّ جنس من البهائم أُمَّةٌ، كالطَّير، والظِّباء، والذُّباب، والأُسود، وكلُّ صنفٍ من الحيوان أُمَّةٌ مثل بني آدم يعرفون بالإِنس {ما فرَّطنا في الكتاب من شيء} ما تركنا في الكتاب من شيءٍ بالعباد إليه حاجةٌ إلاَّ وقد بيَّناه؛ إمَّا نصّاً؛ وإمَّا دلالة؛ وإمَّا مجملاً؛ وإمَّا مفصَّلاً كقوله: {ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكلِّ شيء} أَيْ: لكلِّ شيءٍ يُحتاج إليه من أمر الدِّين {ثم إلى ربهم} أَيْ: هذه الأمم {يحشرون} للحساب والجزاء.


{والذين كذَّبوا بآياتنا} بما جاء به محمَّد عليه السَّلام {صمٌّ} عن القرآن لا يسمعونه سماع انتفاع {وبكم} عن القرآن لا ينطقون به، ثمَّ أخبر أنَّهم بمشيئته صاروا كذلك، فقال: {من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراطٍ مستقيم}.
{قل} يا محمد لهؤلاء المشركين بالله {أرأيتكم} معناه: أخبروني {إن أتاكم عذاب الله} يريد: الموت {أو أتتكم الساعة} القيامة {أغير الله تدعون} أَيْ: أتدعون هذه الأصنام والأحجار التي عبدتموها من دون الله {إن كنتم صادقين} جوابٌ لقوله: {أرأيتكم} لأنَّه بمعنى أخبروني، كأنَّه قيل: إنْ كنتم صادقين أخبروا مَنْ تدعون عند نزول البلاء بكم.
{بل} أَيْ: لا تدعون غيره {إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه} أَيْ: يكشف الضُّرَّ الذي من أجله دعوتموه {إن شاء وتنسون} وتتركون {ما تشركون} به من الأصنام فلا تدعونه.
{ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك} رسلاً فكفروا بهم {فأخذناهم بالبأساء} وهو شدَّة الفقر {والضرَّاء} الأوجاع والأمراض {لعلهم يتضرعون} لكي يتذللَّوا ويتخشعوا.
{فلولا} فهلاَّ {إذ جاءهم بأسنا} عذابنا {تضرعوا} تذلَّلوا، والمعنى: لم يتضرعوا {ولكن قست قلوبهم} فأقاموا على كفرهم {وزيَّن لهم الشيطان} الضَّلالة التي هم عليها، فأصروا.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8